عدد المساهمات : 469 نقاط : 1400 تاريخ التسجيل : 08/11/2012
موضوع: مفهوم سورة الشورى الأحد نوفمبر 11, 2012 8:05 pm
مفهوم سورة الشورى
معناها في اللغة: ذكر الفيومي ( ت 770هـ ) في المصباح المنير :
(( شاورته في كذا ، استشرته ، راجعته لأرى رأيه منه ، فأشار علي بكذا ، أراني ما عنده فيه من المصلحة فكانت إشارة حسنة والاسم (( المشورة )) وفيها لغتان سكون الشين وفتح الواو والثانية ضم السين وسكون الواو وزان معونة ويقال هي من شار الدابة إذا عرضها في المشوار ويقال من شرت العسل شبه حسن النصيحة بشرب العسل وتشاور القوم اشتوروا والشورى اسم منه (( الجزء الأول )) ص 326 ، ص 327 . وقال ابن منظور ( ت 711هـ ) في لسان العرب (( وهي الشورى والمشورة بضم الشين ، مفعُله ، ولا تكون مفعولة لأنها مصدر وتقول منه : شاورته في الأمر واستشرته بمعنى . وفلان خير شير أي يصلح للمشاورة وشاوره مشاورة وشواراً ، واستشارة : طلب منه المشورة ... ويقال فلان وزير فلان وشيره أي مشاورة وجمعه شو راء )) الجزء الرابع ، ص 437 . أما اصطلاحاً : كما بينه قادري ( 1406هـ ) : (( عرض أمر ما من الأمور التيتهم الفردأو المجتمع على ذوي الرأي والخبرة الدراسية وإبداء الآراء في شأنه ، مع بيان الحجج لاستخراج الرأي الراجح من تلك الآراء )) ص 13. يقول البرعي وعابدين ( 1408هـ ) : لابد لتحقيق الشورى من تصفح الآراء والأفكار في الأمر المشار فيه من كل صاحب رأى وفكرة . والأمور المقطوع بأنها ليست مجالاً للشورى ولا هي داخلة في نطاقها فالحقائق الثابتة والواضحة في أمور الدين والدنيا ليست مجال نقاش لأنه مجمع على أنها حق ولا مجال للاختلاف فيه )) ، ص 378 . كما يبين قادري ( 1406هـ ) : (( وأهل الحل والعقد أولو الأمر من وجهاء المسلمين وأعيانهم ، وعلى رأسهم العلماء وذوو الخبرة والاختصاص . وتكون الشورى في الأمر الذي لا نص فيه وهو ما لم يرد فيه دليل من الكتاب أو السنة أصلاً أو ورد فيه دليل ولكنه لم يبين كيفية تنفيذه ، أو لم يرد فيه نص ولكنه ورد في نظيره الذي يمكن أن يلحق به عن طريق الاجتهاد والتشاور )) ، ص 13. ومتى ما أخذ المدير في الاستئناس برأي العلماء وأهل الخبرة والتجارب قبل اتخاذ قرار ما فإنه يكون أمام حلول متعددة وبدائل متاحة تساعد على اختيار البديل الفعال الذي يحقق الهدف . يقول البرعي وعابدين ( 1408هـ ) : (( فالشورى نيه وكلمة صادقة وعمل مخلص ، أنها جهد يتوجه العبد المؤمن به إلى خالقه ، فإذا خلت الشورى من النصح ، فقد فقدت معناها وجوهرها وأصبحت كلمة خاوية لا معنى لها . وباختصار وإيجاز فإن الشورى عبارة يتقرب بها المؤمن إلى ربه ويرجو منها المثوبة والجنة )) ، ص 388. الشورى فرع من الشريعة الإسلامية وتابعه لها :
يذكر في ذلك الشادي ( 1412هـ ) :
(( أنه لا قيمة للتشاور إلا إذا كان من أجل تحقيق أمر يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية ومبادئها ، ذا تشاورت جماعة للعدوان وارتكاب الجرائم ، فإن قراراتهم لا تكون صحيحة شرعاً إن هذا من أهم نتائج تبعية الشورى للشريعة في الإسلام ، وهو يؤكد أن الشورى هي جزء من شريعة متكاملة لا تتحقق أهدافها إذا فصلت في التطبيق عن مبادئ الشريعة أو تنكرت لها ، وأتخذت وسيلة للتهرب من مبادئها وأحكامها فالذين يطالبون بالشورى لابد أن يطالبوا بالالتزام بالشريعة أولاً فلا شورى في نظرنا دون شريعة ملزمه ومجتمع يلتزم بها ــ إن الشورى في المجتمع الفاسد المنحل لن تزيده إلا فساداً وفـرقـة وانقسامـاً وتمزقـاً وانحـلالاً ، تحكمه الأهــواء التي لا ضابط لـهـا ولا شريعة تجمعها وتوفق بينها )) ، ص 24. إن الأخذ بالشورى وبشروطها هو في الحقيقة تطبيق للشريعة الإسلامية حيث أنها تأمرنا بالتشاور في قولة تعالى : ( وشاورهم في الأمر ) (( آل عمران : 159)) . لذلك فإن من طاعة الله سبحانه وتعالى ورسوله أن ، يعمل القائد التربوي المسلم إلى الأخذ بمبدأ الشورى في كل أمر يصعب عليه أو لا يجد نصاً شرعياً . لذلك فإنه يمكن القول بأن الأخذ بالشورى وفق الشريعة الإسلامية يساهم في تحقيق الحاكمية لله سبحانه وتعالى في كل الأمور امتثالاً لقوله تعالى : ( وشاورهم في الأمر ) ، والشورى في الإسلام شرعت للتداول بين أصحاب العقول الرابحة من أهل الحل والعقد ، للتوصل إلى الصورة المثلى في تطبيق حكم الله على البشر .
أدلة من القرآن الكريم على الشورى : لقد ورد آيات عديدة تحث القائد المسلم على التشاور والأخذ بالنصح :
1ــ ففي قوله تعالى : ( فبما رحمه من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) سورة آل عمران : 159. يقول قطب ( 1412هـ ) : (( وبهذا النص الجازم (( وشاورهم في الأمر )) يقرر الإسلام هذا المبدأ في نظام الحكم حتى ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي يتولاه وهو نص قاطع لا يدع لـلأمـة المسلمة شكـاً فـي أن الشورى مـبـدأ أساسـي ، لا يقوم نـظـام الإسلام عـلـى أساس سواه )) ( ج 4 ، ص 501 ) . وقـد ذكـر الإمام القرطبي ( ت 671هـ ) فـي تفسير هـذه الآية (( عـن ابـن عطية : والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ؛ من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب هذا ما لا خلاف فيه )) ، ( ج 4 ، ص 161) . وقال القرطبي أيضاً : شاور من جرب الأمور ؛ فإنه يعطيك من رأيه ما وقع عليه غالباً وأنت تأخذه مجاناً ، والشورى مبنيه على اختلاف الآراء ، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف ، وينظر أقربها قولاً إلى الكتاب والسنة إن أمكنه ، فإذا أرشده الله تعالى ما شاء منه عزم عليه وأنفذه متوكلاً عليه إذ هذه غاية الاجتهاد المطلوب )) ( ج 4 ، ص 162 ) . 2ــ قال تعالى : ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ) سورة الشورى : 38. يقول الإمام القرطبي ( ت 671هـ ) في تفسير هذه الآية : ( وأمرهم شورى بينهم ) أي يتشاورون في الأمر . والشورى مصدر شاورته ؛ مثل البشرى والذكرى ونحوه . فكانت الأنصار قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم إذا أرادوا أمراً تشاوروا فيه ثم عملوا عيه ؛ فمدحهم الله تعالى به ، قاله النقاس . وقال الحسن : ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم وقال ابن العربي : الشورى ألفة للجماعة ومسيار للعقول وسبب إلى الصواب )) ، ( ج 16 ، ص 25 ) . لهذا فالله مدح المشاورة في الأمور بمدح القوم الذين كانوا يتمثلون إلى هذه المشاورة لذا ينبغي على كل قائد تربوي مسلم الأخذ بمبدأ الشورى لما فيه من صلاح للأمر وللعاملين معه ولنجاح الخدمات التي تقدمها إدارته . أدلة من السنة الشريفة على الشورى : وردت الأحاديث الكثيرة التي تحث على الشورى والنصح والتنا صح ومنها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (( ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم )) رواه الترمذي في سننه ، ( ج 4 ، ص 214 ) . عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت : قـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم : إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق : إن نسى ذكره ، وإن ذكر أعانه ؛ وإذا أراد الله غـير ذلك جعل له وزير سوء : إن نسي لم يذكره ، وإن ذكر لم يعنه )) رواه أبو داود)) ، ( ج 3 ، ص 131) . عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الدين النصيحة ، قلنا لمن ؟ قال : (( لله ، والكتابة ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )) صحيح مسلم ،( ج 2 ، ص 37 ) . تطبيق مفهوم الشورى في صدر الإسلام : 1ــ لقد شاور رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في أمور كثيرة ومنها ما جاء في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال فتكلم أبو بكر ، فأعترض عنه ثم تكلم عمر فأعترض عنه ، فقام سعد بن عبادة ، فقال : إيانا تريد يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها ، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا قال فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدراً ...) صحيح مسلم ( ج 12 ، ص 124 ) . 2ــ كما ذكر السدلان ( 1412هـ ) : فقد قال لأصحابه ( رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يوم بدر (( أشيروا على أيها الناس فأشار عليه الحباب بن المنذر بالنزول على الماء فقبل منه )) ، ص 10 وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الأنصار فقد ذكر ابن كثير ( ت 774هـ ) في الفصول في سيرة الرسول صلى الله علية وسلم ( ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريش استشار أصحابه ، فتكلم كثير من المهاجرين فأحسنوا ، ثم استشارهم وهو يريد بما يقول الأنصار فبادر سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال : يا رسول الله كأنك تعرض بنا فو الله يا رسول الله ، لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك فسر بنا يا رسول الله على بركة الله فسُر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال ( سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين )) ص 130 – ص 131 . 3ــ ومن الأمور التي قبل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مبادرة من صاحبها بدون طلب ما بينه ابن كثير ( ت 774هـ ) في الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم : (( فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى ماء بدر ، ونزل على أدنى ماء هناك فقال له الحباب بن منذر بن عمرو : يا رسول الله هذا المنزل الذي نزلته أمرك الله به ؟ أو منزل نزلته للحرب والمكيدة ؟ قال : (( بل منزل نزلته للحرب والمكيدة )) فقال : ليس هذا بمنزل ، فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من مياه القوم فننزله ، ونعور ما وراءنا من القليب ، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ، فنشرب ولا يشربون . فأستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ذلك ، وحال الله بين قريش وبين الماء بمطر عظيم أرسله ، وكان نقمة على الكفار ونعمة على المسلمين مهد لهم الأرض ولبدها ، وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش يكون فيه )) ص 132 ، ص 133 4ــ واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسرى بدر كما جاء من حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه (( لما كان يوم بدر ... إلى أن قال فلما أسروا الأُسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر : (( ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال أبو بكر : يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة ، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما ترى يا ابن الخطاب )) ؟ قال قلت : لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم فتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان ( نسيباً لعمر ) فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فلما كان من الغد ، جئت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين وهما يبكيان ، قلت : يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء ، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة )) فأنزل الله عز وجل : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) إلى قوله : ( فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً ) فأحل الله الغنيمة لهم )) رواه مسلم ، ( جـ 12 ، ص 86 ، ص 87 ) . والصور كثيرة لاستخدام الشورى في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أوردنا أمثله على ذلك من إحدى الغزوات ( بدر الكبرى ) حيث يتضح استخدام الشورى منذ بداية المعركة وحتى نهايتها ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتشاور مع أصحابه في أمور المعركة وهذه الأمثلة والصور تتكرر في غزوات وفي أمر الحياة اليومية . اقتدى الخلفاء الراشدون ومن بعدهم وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم برسول الله صلى الله عليه وسلم في استخدام الشورى في أمورهم فنذكر على سبيل المثال لا الحصر بعضاً منها للاستفادة . 1ــ فقد ذكر ابن الجوزي في تاريخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( ت 597 ) : (( عن الحسن ابن الحسين قال : لما ثقل أبو بكر ، واستبان له من نفسه ، جمع الناس إليه فقال : إنه قد نزل بي ولا أظنني إلا ميت لما بي ، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعي وحل عنكم عقدتي ، ورد عليكم أمركم فأمروا عليكم من أحببتم فإنكم أن أمرتم في حياة مني كان أجدر أن لا تخلفوا بعدي فقاموا في ذلك وخلوا عليه فلم تستقم لهم ، فرجعوا إليه فقالوا : رأينا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيك ، قال : فعليكم تختلفون ، قالوا لا قال فعليكم عهد الله على الرضى قالوا : نعم : قال : فأمهلوني حتى أنظر لله ولدينه ولعباده ، فأرسل أبو بكر إلي عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال : أشر علي برجل والله إنك عندي لها لأهل وموضع ، فقال : عمر فقال : اكتب فكتب حتى انتهى إلى الاسم فغشي عليه ثم آفاق فقال : أكتب عمر )) ص 69. 2ــ ومن الأمثلة أيضاً على ذلك ما فعله الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه جعل الشورى مبدأ أساسياً في إدارته والمتتبع لسيرته يجد الكثير فيها من الشورى فقد عمد إلى تكوين مجلس للشورى حيث ذكر ابن الجوزى في سيرة ومناقب عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه ( ت 597هـ ) (( ودعا عمر عشرة نفر من فقهاء البلدة فقال : ( إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه ، وتكونون فيه ، أعواناً على الحق ما أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم ، فإن رأيتم أحداً يتعدى ، أو بلغكم عن عامل لي ظلامه فأخرج بالله على أحداً بلغه ذلك إلا أبلغني ) فجزوه خيراً وافترقوا )) ( جـ 5 ، ص 334 ) . ومن المثالين السابقين يتضح لنا أهمية الشورى والأخذ بها عند اتخاذ القرارات الإدارية أو سواها لما فيها من بركة وتحقيقاً للرأي الصائب . الفرق بين الشورى والديمقراطية : الديمقراطية هي كلمة يونانية الأصل ، وهي مكونة من كلمتين الأولى : ديمو ( demo ) مأخوذة من الكلمة اليونانية ( demos ) وهي تعني الشعب ، والثانية : كراسي ( Cracy) مأخوذة من اليونانية ( Ckratia) وهى تعني الحكم أو السلطة فصارت بمعنى (( حكم الشعب أو سلطة الشعب . يقول النجدي ( 1405هـ ) عن معنى كلمة ديمقراطية ( democraly ) : 1ــ الحكم بواسطة الشعب أو ممثلة . 2ــ التحكم بأي منظمة من قبل أعضائها . 3ــ وحدة سياسية أو اجتماعية يحكمها بصورة مطلقة أعضاؤها . 4ــ ممارسة أو روح المساواة الاجتماعية . 5ــ العوام ، أو عامة الناس كقوة سياسية . 6ــ حالة اجتماعية لا توجد فيها الطبقات ، وتوجد المساواة )) ، ص 36. لذلك يمكن للباحث القول أن الديمقراطية هي ذلك النظام من أنظمة الحكم الذي يكون الحكم فــيه أو السلطة أو سلطة إصدار القوانين والتشريعات من حق الشعب أو الأمة أو جمهور الناس . إن من أبرز خصائص الديمقراطية سيادة الشعب أو الأمة ، والإقرار بحقوق الأفراد وحرياتهم أنها ولكن مفهوم السيادة يقول عنه شاكر ( 1412هـ ) : (( هي تلك السلطة العليا التي تملك حق التشريع والتي لا تعرف بجانبها أو فوقها فيما تنظم من علاقات سلطة عليا أخرى ، فهي ســلطة تسمو فوق الجميع وتفرض نفسها على الجميع بما تملك من سلطة الأمر والنهي العليا ، والسيادة في الديموقراطية إنه الشعب أو الأمة أي الشعب نصدر جميع السلطات ويقصد بالسلطة (( التشريعية – التنفيذية – النظامية )) ، ص 14- 15 . وهذا يتعارض مع مبدأ الحاكمية لله وحده لأن السيادة في الحكم الإسلامي المتبع للشورى تكون العلي القدير الذي يحي ويميت ويكون التشريع والتحليل والتحريم والأمر والنهي لله الذي له ملك السماوات والأرض وليس لمخلوق سواء كان فرداً أو جماعة أو أمة أو شعباً وما على الخلق إلا الاتباع والانقياد قال تعالى : ( إن الحكم إلا لله ) يوسف الآية : 4 . وقولة تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شي فحكمه إلى الله ) الشورى : 10 . وقال تعالــى : ( و الله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ) الرعد : 41 . يقول شاكر ( 1412هـ ) : (( لذلك فإن لفظ (( مسلم )) ولفظ (( ديموقراطي )) لا يجتمعان في حق شخص واحد أبداً ، وإنما يقبل اجتماع هذين الوصفين المتناقضين في حق شخص واحد أولئك الذين يجهلون حقيقة الإسلام القائم على توحيد الله الخالص ، ونفي الشرك أو أولئك الذين يجهلون حقيقة الديموقراطية بما اشتملت عليه من الكفر العظيم والشرك بالله الواحد القهار)) ص 20 . كما يقول شاكر ( 1412هـ ) : (( لهذا فإن الديموقراطية تقتضي الأمر الأول استبعاد حق الله الذي له الحكم أصلاً ، وبأمره تأتي سلطة كل من له سلطة من بعده ، الأمر الثاني عدم إقرار الحكم الديموقراطي بأحكام الشرع ووجوب تنفيذها هي الأحكام الشاملة لأحكام الله وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم واستنباطات المجتهدين من فقهاء المسلمين الذين يستنبطون أحكام الشرع بالاجتهاد الذي أذن الله لهم فيه .إذاً فالحكم الديموقراطي بموجب تعريفه وتطبيقاته حكم يعزل الدين عزلاً كلياً عن شئوون الحكم ويستبعده عنها استبعاداً تاماً ، فهو بهذا شبيه بالعلمانية )) ص 41 . نستخلص مما سبق أن الفروق الرئيسية بين الشورى والديموقراطية فيما يلي : 1ـ لا مشورة مع نص قاطع من كتاب أو سنة وذلك على خلاف الديموقراطية قال تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ) الأحزاب : 36 . 2ـ لا حكم في الإسلام إلا لله وتعرف الديموقراطية بأنها حكم الشعب بالشعب قال تعالى : ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ) يوسف : 40 . بينما الديموقراطية نظامها ( حكمها ) يقوم على إنشاء مؤسسات دستورية وبرلمانات وتشريعه تعمل على إقرار الدساتير وسن القوانين في كل مجالات الحياة . 3ـ ففي الشورى وإن كانت لا تغفل رأي الأغلبية فإن الحق والرأي الصائب حتى ولو كان من شخص واحد هو المعيار الأساسي بينما الديموقراطية معيارها الأساسي رأي الأغلبية . أهمية الشورى في اتخاذ القرار : إن الاستنارة بآراء الآخرين وطلب المشورة هي من أهم ما يميز اتخاذ القرارات في المنظمات الحديثة ، لهذا فلقد اهتم التشريع الإسلامي بمبدأ الشورى وجعله نظاماً تسير عليه الأمة في تسير أعمالها وتصريف جميع شؤونها . ولولا أهمية هذا المبدأ في الإسلام ما قرن بالصلاة والزكاة في قوله تعالى: ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ) سورة الشورى : 38 . يقول السدلان ( 1412هـ ) في مهمة الشورى : (( إن مهمة الشورى هي : تقليب أوجه الرأي واختيار اتجاه مناسب من الاتجاهات المعروضة ، وهى خير وسيلة لتربية الأمم ، وإعدادها للقيادة الرشيدة وتدريبها على تحمل التبعات )) ، ص 16 . وفي ظل الفروق الفردية في القدرات العقلية والخبرات العلمية والعملية بين الناس أصبحت الحاجة ملحة لمبدأ الشورى لتحقيق نوع من التوازن في هذه القدرات والخبرات العملية والعلمية المختلفة ، والإدارة التربوية المدرسية عندما تأخذ بهذا المبدأ وتمارسه في جميع قراراتها فإنها تحقق ما يلي : 1ـ طاعة الله سبحانه وتعالى لقوله تبارك وتعالى : ( وأمرهم شورى بينهم ) سورة الشورى :38. 2ـ تطبيقاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في التزام الشورى . 3ـ تحسين نوعية القرار وجعل القرار المتخذ أكثر ثباتاً وقبولاً لدى العاملين فيعملون على تنفيذه بحماس شديد ورغبة صادقة . 4ـ زيادة معدلات الثقة بين الرئيس والمرؤوسين وبين المدرسة والمجتمع . 5ـ تساهم الشورى في تنمية القدرات القيادية واكتشاف المواهب الصالحة لقيادة المؤسسات التربوية بالشكل المطلوب . 6ـ المساهمة في نجاح القرارات المتخذة بشكل شورى والحماس لتحقيق معدلات عالية لنجاح القرار لإثبات الوجود والقدرة على المشاركة في اتخاذ القرار وأن الرأي المشار كان صواباً . 7ـ رفع الروح المعنوية للعاملين في المؤسسة التربوية من معلمين وإداريين ومستخدمين وطلاب وأولياء أمور لاهتمام الإدارة بالعلاقات الإنسانية واحترامها بمشاورتهم عند اتخاذ القرار . 8 ـ قبول العاملين في المؤسسة التربوية للقرار المبنى على المشاورة بكل ترحاب وفخر والحرص على تنفيذه بالشكل المطلوب . ممارسة الشورى في الإدارة التربوية : على مدير المدرسة المدارك لأهمية الشورى في نجاح الإدارة المدرسية ، أن يمارسها علناً بين المعلمين والطلاب حتى يخلق جواً إسلامياً بالمدرسة وذلك في الأمور التي ليس فيها نصوص شرعية ، أو لوائح تنظيمية من الجهات المختصة ، وهنا عليه أن يختار ممن تتوفر فيهم الرأي الراجح والعلم والخبرة وأن يتشاور في كل موضوع مع المختصين فيه . ومن وسائل الشورى التي يرى الباحث أن يتبعها المدير هي : 1ــ مشاورة الموجهين التربويين أو المسئولين في إدارة التعليم . 2ــ مشاورة العلماء والخبراء المختصين بالموضوع . 3ــ مشاورة مديري المدارس الأخرى ممن تتوفر فيهم الثقة والأمانة والخبرة والدراية بالموضوع. 4ــ مشاورة وكلاء المدرسة . 5ــ مشاورة المعلمين الأكثر خبرة ودراية وأمانة وثقة والمختصين بالموضوع . 6ــ إنشاء مجلس إدارة للمدرسة للتشاور باستمرار فيما يعترض العملة التعليمية . 7ــ الاهتمام بالرأي الصائب حتى ولو لم يكن الغالبية معه . 8ــ الاستماع باستمرار لآراء ومقترحات المدرسين ومناقشتها للاستفادة منها في تحقيق أهداف المدرسة . 9ــ الاستماع إلى أفكار الطلاب ومقترحاتهم وشكواهم خاصة في المواضيع التي تقلقهم . -------------------------- ---