فى ذكراها العاشرة
عبدالعزيز محمد الشهير بزيزو يحمل يوميا كيسا
مليئا بالزبالة،وزجاجات الخمر الفارغة، يطوف ميادين وشوارع القاهرة، حافي
القدمين، أشعث الرأس،ينام علي الأرصفة، يتمتم بكلمات لا تنطق سوي حروف
س.ع.ا.د
،هذا الاسم لم يكن وهما لكنه اسم مسجل في
نقابةالسينمائيين، وواحد من ضحايا السندريلا، ظل عاشقا لها يحلم بالزواج
منها، وعندمارفضته أصيب بحالة جنون، وأخذ الجميع يناديه يا مجنون سعاد حسني.
لم
يكن زيزووحده مجنون السندريلا لكن غيره كثيرين فمن لم يتزوجها في الحقيقة
ظل يحلم بزواجهافي الخيال، ومن لم يتزوجها في الخيال تزوجها في الأفلام.
سجلات
الأحوال الشخصيةتعرف أربع زيجات لها هم صلاح كريم ـ علي بدرخان ـ زكي فطين
عبدالوهاب ـ ماهر عوادوسجلات الشائعات تعرف اثنين هما عبدالحليم حافظ،
والمليونير السعودي محمدالقزاز.
أما سجلات السينما فتشهد علي14) زوجا أولهم صلاح ذو الفقار في مال ونساءعام1960، وآخرهم عبدالعزيز مخيون في الجوع عام1988
ولأن
السندريلا أثارت بزواجهاوقصص حبها جدلا واسعا سواء فيالواقع أم في السينما
كان لابد أن نفتح ملف زواجهاالسينمائي مع أزواجها السينمائيين الباقين علي
قيد الحياة في ذكري رحيلهاالعاشرة.
في فيلم( القاهرة30) أسند المخرج الكبير صلاح أبو سيف
البطولة إلي الفنان حمدي أحمدليلعب دور محجوب عبدالدايم الشاب الذي انهكه
الفقر والحقد فحطم كل أخلاقياته وتحولإلي قواد انتهازي مفعم بالمرارة
ومستعد لصنع أي شيء من أجل الحصول علي مكان وسط هذاالصراع الوحشي الفاسد،
حتي إنه في نهاية الفيلم وبعد افتضاح أمره هو وزوجته إحسانشحاتة نجده
يستنهضها لمواصلة حياة التسلق والانتهازية والنجاح.
عن
ذكرياته معالسندريلا يقول الفنان حمدي أحمد ترجع معرفتي بهاإلي طفولتها
حيث كانت تربطنيصداقة وطيدة بزوج والدتها عبدالمنعم حافظ الذي كان يرعاها،
وفي هذه الفترة أقمناكشباب جامعي متحمس لبلده وسعيد بثورتها مشروعا لمحو
أمية البنات والنساء في المنطقةالتي تسكن فيها وهي حي شبرا، وأشرفت مع
الفنان إبراهيم سعفان علي تعليمها مباديءالقراءة والكتابة، وأظهرت سعاد
تفوقا كبيرا في التعليم، ولاحظت أن الله خصها بوجهموهوب لا تستطيع أن تحول
عيكلمه محظوره عنه، حتي لو كانت وسط مليون طفل، ثم انقطعت صلتيبها.
وفي
عام1963 رشحني المخرج صلاح أبو سيف لبطولة فيلم( القاهرة30) وبعد
فترةطويلة في تعديل وتغيير السيناريو بدأنا التصوير، وفي أول يوم قال لي
المخرج
"عايز"أعرفك بسعاد حسني، فقلت له بسرعة عارفها، ولكني تراجعت خوفا من أن
يعرف أحد شيئاعن حياتها الخاصة لاسيما أنها كانت نجمة كبيرة.
فقال لي أبو سيف.. هل تقابلتمامن قبل؟
فقلت له.. لأ.. ولكني أعرفها كفنانة كبيرة، وعندما
قابلتها أظهرت عدم معرفتي بها،واحترمت سعاد هذا الموقف جدا، فكانت تنادي
الجميع باسمه إلا أنا كانت تنادينيبالأستاذ حمدي.
وأثناء
التصوير كانت تأتي مبكرا وتجلس معي نراجع حوارنا فيالفيلم، ورغم أنها نجمة
كبيرة إلا أنني وأحمد توفيق وعبدالعزيز مكيوي كنا نشعر أنهاوجه جديد مثلنا
بالضبط، وفي هذا الوقت كان مشهورا عنها سرقتها للكاميرا لكنها لمتحاول
بقدراتها الإلهية الفذة أن تسرقني، ولم أحاول بقدراتي التمثيلية سرقتها،
فكناعلي قدم المساواة في لحظات الحب والأسي، ومن هنا جاء هذا التمازج
الخطير فيالشخصيتين فتشعر أحيانا أن إحسان شحاتة هي محجوب عبدالدايم والعكس
صحيح.
ومنالمشاهد التي تدل علي عبقريتها مشهد
مقابلتها لعلي طه ورجوعها إلي بيتها حيث يعانيإخوتها من الجوع فتقول لهم
أمهم قولوا لأختكم، والنبي إن شاء الله هنقعد في الشارعونقول لله يا محسنين.
في هذا المشهد كانت في قمة الأحاسيس الداخلية إذا نظرت إليوجهها تعتقد أن بداخلها فرن سولار مولع نار.
وبعد
النجاح الكبير( للقاهرة30) تمترشيحي لبطولة فيلم الزوجة الثانية لكن
القائمين علي الفيلم قالوا إن حمدي نجح جدافي دور الزوج المفرط في زوجته
فهل يستقبله الجمهور في دور الزوج المحب المتمسكبزوجته، فكان الحكم سعاد
فقالت لهم بصراحة يا جماعة صعب أن يصدق أحد حمدي بعد نجاحهالخطير في
القاهرة30 فلعب الدور شكري سرحان، وفي هذه الفترة غضبت منها لكن بعد
مرورالأيام اكتشفت أن رأيها كان صوابا.
الزوجالثاني
الفنان
عزت العلايلي أو سيد سالم زوجها في فيلم "الاختيار" يقولفي هذا الفيلم،
كانت الزوجة التي تتمزق بين زوجها الكاتب المشهور والانتهازي، وبينتوءمه
البحار المنفتح علي الحياة.
وعن
علاقته بالسندريلا.. يضيف كانت تربطني بهاعلاقة أسرية وفنية بدأت في
الستينيات لكنها توطدت أثناء تصويرنا لفيلم "الاختيار"،وأثناء
ذلك عرفتها عن قرب فوجدتها إنسانة رقيقة ومتواضعة، كنت أذهب لمكان
التصويرفأجدها وصلت قبل الجميع ومرتدية ملابس الشخصية ومستوعبة لدورها،
بشكل جيد جدا،ووجودها في الفيلم كان سببا في نجاحه بما لها من ثقل فني
كبير، وسعاد معجزة فنية منمعجزات العصر الحديث فقد وهبها الله لمصر لتدخل
البهجة إلي قلوب المشاهدين، ولنتجود السينما بمثلها فهي لا تقل قيمة عن
الموسيقار محمد عبدالوهاب وكوكب الشرق أمكلثوم وغيرهما من العمالقة الذين
أضاءوا سماء الفن في مصر والعالمالعربي.
الزوج الثالث
الفنان
محمودياسين شارك السندريلا ثلاثة أفلام من أهم الأفلام في تاريخ السينما
المصرية وهي"الحب الذي كان ـ أين عقلي ـ علي من نطلق الرصاص".
عن
قصة لقائه بها يقول: حدثهذا عام1970 عندما رشحني يوسف شاهين لبطولة فيلم
"الاختيار" أمامها، وفي أحد الأياماصطبحني لزيارتها في شقتها بالزمالك،
فاستقبلتنا بحفاوة كبيرة، وأثنت علي دوري فيفيلم "شيء من الخوف" وظلت
تحدثنا عن الفن ودوره وأهميته وأنا لا أصدق إنني جالسبجوارها، لكن لظروف
ما، لم أحظ بالوقوف أمامها في فيلم "الاختيار" لكن بعد مرورثلاث سنوات
التقينا في فيلم "الحب الذي كان" الذي يعد انطلاقة لمخرج كبير هو عليبدرخان
والذي كان أول أعماله.
وفي عام1974 كنت زوجا لها في فيلم "أين عقلي" إخراج
عاطف سالم وفي هذا الفيلم كنت أحاول أن أوحي لها بأنها تعاني من مرض عقلي،
فيحين أنني الذي كنت في حاجة إلي العلاج من مرض نفسي خطير، واللقاء
الأخير، كان في"علي من نطلق الرصاص" الذي يعتبر
واحدا من أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية،وحصلنا أنا وهي علي
العديد من الجوائز عن هذه الأفلام.
وكان أهم ما
يميزهاكفنانة انصهارها وذوبانها في دورها ووعيها بأدق تفاصيل الشخصية
وقدرتها علي التعاملمع كل اللحظات مهما صغر زمانها علي الشاشة،وسعاد تعد
فنانة استثنائية في تاريخالسينما المصرية من حيث حجم الموهبة، وكانت نموذجا
للفتاة المراهقة، والسيدةالناضجة، والمرأة خارقة الأنوثة، والممثلة التي
لا يجاريها أحد في موهبتها وجمالأدائها.
إما كإنسانة فاستطاعت أن تميز كل الأشياء وتطبعها بلونها ورائحتهاوبساطتها وألفتها وروحها الجميلة.
الزوجالرابع
أما الفنان حسين فهمي الذي شاركها بطولة أربعة أفلام هي "خلليبالك من زوزو ـ غرباء ـ أميرة حبي أنا ـ موعد علي العشاء".
يقول
بداية معرفتيبالسندريلا كانت بعد عودتي مباشرة من الولايات المتحدة
الأمريكية حيث كان من المقررأن أعمل كمساعد مخرج مع يوسف شاهين في فيلم
"الاختيار" الذي كان سيقوم ببطولتهأمامها، وكنت سأقوم بإخراج المشاهد التي
سيقف فيها "جو" أمام الكاميرا لكن لأسبابكثيرة اعترضت المؤسسة العامة منتجة
الفيلم علي قيام شاهين ببطولة الفيلم، فاستعانبعزت العلايلي، وأصبح وجودي
لا معني له، وبالتالي انسحبت من الفيلم، لكن خلال هذهالفترة اقتربت منها
حيث كنت مسئولا عن تنفيذ شروطها الموجودة في عقد الفيلم، وأثناءذلك شجعتني
علي خوض تجربة التمثيل ورشحتني لبطولة فيلم "الحب الضائع" أمامهاوبالفعل
عملت تيست كاميرا، لكني لم أتحمس لبطولة الفيلم وذهب الدور إلي رشدي
أباظة،وبعد مرور أكثر من عام اتجهت إلي التمثيل، وكان أول لقاء بيننا فيلم
غرباء إخراجسعد عرفة ثم قدمنا بعد ذلك فيلم "خللي بالك من زوزو" والذي نجح
بقوة واستمر عرضهعاما وبضعة أسابيع، ثم قدمنا فيلم "أميرة حبي أنا" وأخيرا
"موعد علي العشاء" وفيهذين الفيلمين كنت زوجا لها.
لكنني
لحظت أثناء تصويرنا لفيلمنا الأخير أن النجاحالمدوي لفيلم "زوزو" أصابها
بعقدة، فلم تصبح سعاد التي عرفتها في "الاختيار" إنسانةبسيطة جدا ومنطلقة
ومرحة، بنفس البساطة والانطلاق، ولكنها أصبحت إنسانة أخري خائفةومترددة
وموسوسة حتي إنها رفضت عروضا خيالية بأرقام فلكية لترددها.
الزوج الخامس
في
عام1986 قرر المخرج علي بدرخانوسعاد حسني تقديم فيلم "الجوع" ووقع
اختيارهما علي الفنان القدير عبدالعزيز مخيونليجسد دور جابر زوج زبيدة
المحب للخير.
عن هذا الفيلم وعلاقته بالسندريلا
يقولمخيون، رغم أن لقائي بسعاد حسني في فيلم "الجوع" كان اللقاء الفني
الأول، إلا أنناكان لنا أكثر من لقاء علي المستوي الإنساني حيث كانت في
فترة من الفترات زوجة صديقيوأخي علي بدرخان وحضرت جزءا كبيرا من تصوير
فيلمها "أهل القمة".
وعندما جاءنيالسيناريو عرفت
أن التي ستلعب دور زبيدة زوجتي سعاد حسني، سعدت جدا بهذا، وعندمااقتربت
منها وجدتها علي قدر كبير من البساطة لا يتمتع بها إلا الفنان
الحقيقي،وأثناء عملها لا تهتم بنفسها قدر اهتمامها بفنها أولا، وبالمحيطين
بها من فنيينوكومبارس وديكور، ثانيا وأخيرا قد تهتم بنفسه، وهذا عكس السائد
في السينما المصريةحيث يشعر كل الفنانين بلا استثناء أنهم محور الكون،
وعلي مدي أيام التصوير كانتهادئة ومطيعة وتأتي قبل الميعاد، ولا نسمع لها
أي ضجيج أو صخب وفي حالة عدم رضائهاعن شيء كانت تعلق بهدوء.
ومن
الأشياء التي لا أنساها مواقفها الإنسانية الكثيرةفي الفيلم لاسيما مع
الكومبارس،ففي أحد المشاهد، كنا نصور في الليل في الشتاء ومعناكثير من
الكومبارس حيث يمثلون الحرافيش ولاحظت أن أحدهم يرتدي جلبابا ممزقا
يظهركتفه فأوقفت التصوير حتي يغطي كتفه خوفا عليه من البرد.
والموقف الثاني عندماشاهدها مجموعة من السائحين وتعرفوا عليها لا تتصور مدي خجلها وتواضعها حتي أنهاوضعت رأسها في الأرض.
وفي
النهاية خسر الفن المصري فنانة ليست لها مثيل في تاريخالسينما المصرية منذ
نشأتها في أكثر من شيء مثل تثقيفها لذاتها ـ موهبتها ـ روحها ـإنسانيتها ـ
تنوع أدوارها ـ ورفضها للزيف.
برواز داخل الموضوع
زواجها منالسيناريست ماهر عواد
رغم
أن زيجات سعاد حسني كان يحيطها الغموض كبقية حياتها،إلا أننا استطعنا أن
نكشف من خلال تسجيل إذاعي لإحدي الإذاعات العربية ـ مونت كارلوــ عن تفاصيل
زواجها الأخير من السيناريست ماهر عواد.
عن
ظروف معرفتها بعوادتقول السندريلا شاهدته لأول مرة من خلال برنامج
تليفزيوني، وكان يتحدث عن تجربته فيالسيناريو، ودراسته العلمية وهيامه
وغرامه بالسينما، وعدم تعجله للشهرة،وبعد انتهاءالبرنامج أعجبتني شخصيته
وقبل هذا اللقاء التليفزيوني كنت شاهدت له فيلمه الأول"الأقزام
قادمون" وأعجبت جدا بتككلمه محظوره كتاباته، وشعرت بأنه يقدم نوعا مفقودا
فيالسينما وهو الفيلم الغنائي الموسيقي الذي برع في تقديمه من قبل
صلاحجاهين.
وبعد أيام اتصل بي هاتفيا وطلب تحديد
موعد لعرض سيناريو علي، فرحبت جدا،وبعد مقابلة قصيرة أعطاني السيناريو
وكنت في شوق لقراءته.. وتكررت الاتصالاتالتليفونية بيننا ولظروف ما، لم
يخرج الفيلم إلي النور، لكن في هذه الأثناء شعرنابأننا لا نستطيع أن نستغني
عن بعض، وعرض علي الزواج، وقال لي سعاد يا عمري أناحبيتك وطالب القرب منك
تحبي تتجوزيني.
فقلت له يا ماهر سعادتي سوف
تكتمل فعلابالارتباط بك، وتم الزواج يوم11 يونيه عام1987 الساعة الحادية
عشرة مساء، وكانالمهر25 قرشا، وحضر الحفل مجموعة قليلة جدا تعد علي أصابع
اليد الواحدة وكلهم منالأهل.
أقوال سعاد حسني فى الحب والزواج
الحب ثروة
حقيقية تغني عن غيرها من الثروات الموهوبة *الحب أجمل شيء في الدنيا..
والتلاقي بين أثنين يكملان ويفكران ويخافان علي بعض أجمل وأرق شيء في
الدنيا.
*صعب بل مستحيل أن تنتهي قصة حب حقيقية يجوز تختفي من العقل لكن لا يمكن أن تختفي من الوجدان ولابد أن يظل منها ذكراها العطرة.
*عشت أحلي قصتين حب مع علي بدرخان وماهر عواد.
*الموجود
الآن بيني وبين علي بدرخان نوع من الإخوة والود والحنان، *أشعر بأنني أخته
الكبري التي تخاف عليه، ويشعر هو بأنني أخته الصغري التي يخاف عليها.
*لا أفكر في نجوميتي عندما أخدم وألب طلبات زوجي مهما كانت هذه الطلبات.
*أنا امرأة في حبي وعواطفي عندي من الطفولة والأمومة تجاه زوجي، كما هو تجاه فني، كما هو تجاه كل الناس الذين أحبهم.
*الإنسان يشعر بالامتلاء العاطفي عندما يجد النصف الآخر الذي يعطيه الطمأنينة، ويغذي روحه بالأمان، وبالأحلام المشتركة.
*
أنا كإنسانة أعيش الحاجة%100 سواء في الفن أو الزواج هذه طبيعتي، *أحب أن
أعطي خلاصة وعصارة تفكيري وتجاربي ومشاعري وحبي وكياني للإنسان الذي
يستحقها.
*تمنيت يوم عقد قراني علي ماهر عواد أن ارتدي فستان زفاف أبيض، وأذهب إلي الأهرامات، وأركب حصانا أبيض.
*الخلاف الوحيد بيني وبين زوجي ماهر عواد هو خجله الشديد وهروبه من الإعلام رغم أنه خريج كلية الإعلام